باسم الجابري: يناير 2013

الاثنين، 7 يناير 2013

الشعب العراقي .. بين حانه ومانه




 

قيل في الموروث الشعبي (بين حانه ومانه .. ضاعت لحانه) ويضرب هذا المثل للشخص الذي يقع بين داهيتين تصيبانه فلا يستطيع منهما خلاصا، حتى يصيبه من الأذى ما لايقدر على دفعه أو النجاة من شرّه ، وأصله إن رجلا كانت له زوجة اسمها حانة فلما أسنّت تاقت نفسه للزواج من إمرأة أصغر منها. فبنى بفتاة صغيرة مليحة، حسناء اسمها مانة فكان يعدل بينهما كما أمر الله تعالى فيقضي ليلة مع حانة وليلة مع مانة فلا يغبط إحداهما حقها وكانت كل واحدة تريد ان تستأثر به وحدها، فكان إذا اختلى بزوجته الأولى حانة تأخذ بعض الشعرات السوداء من لحيته فتنتفها، حتى تصبح لحيته بيضاء، فيشعر بأنه كهل وأنه من سنها وينبغي له  أن يكون لها وحدها دون سواها. وإذا اختلى بزوجته الصغيرة مانة فأنها تنتف بعض الشعرات البيضاء من لحيته حتى تصبح لحيته سوداء فيشعر بأنه لا يزال شابا وأنه ينبغي له أن يكون لها وحدها دون غيرها ومازال دأب زوجتيه معه حتى اختفى شعر لحيته مع الأيام ولم يبق منها ولا شعرة واحدة..... وفي ذات يوم كان الرجل جالسا مع بعض أصحابه في المقهى، فسأله أحدهم: (هاي شنو أبو فلان؟ وين لحيتك؟..مزيّنها؟) فقال الرجل: (لا والله مازيّنتها ولكن :  بين حانة ومانة... ضاعت لحانه) وذهب ذلك القول مثلا ً..

واليوم العراقيون يتركون لحاهم بين السياسيين الطائفيين كل ينتف منها ما  يستطيع كي يجره لجهته ، فسياسيوا الجهة الغربية استطاعوا ان يستثمروا قضية حماية العيساوي ليحشدوا الآلاف من أبناء المنطقة الغربية بحجة المطالبة بإطلاق سراح المعتقلات وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانون المساءلة والعدالة ..والغريب أن لا  احد سأل نفسه لماذا في هذا الوقت تتم المطالبة بأمور هي موجودة وتمارسها الحكومة العراقية منذ سنين دون ان يتحرك شخص للمطالبة بها ، فالسجون العراقية امتلأت بالمعتقلات العراقيات ممن تم أخذها بجريرة أخوها او زوجها ومورس بحقها أبشع الجرائم الانسانية والاخلاقية ، فلماذا الآن تطالبون باطلاق سراحهم ؟؟ كذلك نعرف ان قانون المساءلة والعدالة والمادة 4 إرهاب هي مواد دستورية موجودة منذ سنين ، فلماذا الآن يتم المطالبة بإلغائها ..؟؟ اذن الأيدي السياسية واضحة لتجييش العواطف الطائفية من اجل مصالح انتخابية ،وللاسف انجر وراءها الكثير من أهل السنة في المنطقة الغربية ..وبالمقابل ،لا يمكن ان يقف السياسيون الشيعة مكتوفي الأيدي وهم اول من اطلق النعرة الطائفية في خطاباتهم التعبوية لجماهير الوسط والجنوب عندما استغلوا عواطف الجماهير في الانتخابات الماضية وحشدوهم لانتخاب القوائم الشيعية خشية من سيطرة البعثيين (البعبع الانتخابي) للجماهير المغلوبة على أمرها ، فقام سياسيوا الشيعة بتحشيد مواطنيهم ايضا للقيام بتظاهرات في عدد من المحافظات يدعو لها اتباع رئيس الوزراء العراقي حتى وصل الأمر الى اعطاء أوامر إجبارية لعدد من دوائر الدولة بإخراج موظفيها عنوة الى التظاهرات دعما للمالكي ونكاية بالطرف الاخر ،اضافة الى التدخل الغريب للقوات الأمنية في تلك التظاهرات في بعض المحافظات الشمالية وضربهم للمتظاهرين مما يعكس خطورة الوضع وتأزمه بين الشعب والحكومة .

ومن هذا وذاك نرى كيف ينجر الشعب بسذاجته وعدم تفكيره الى دعم الصراعات الطائفية والفئوية ومن يقودها ظاهرا او من وراء الكواليس متناسين ان هؤلاء السياسيين لم يقدموا لهم سوى الدمار والاقتتال والتشريد والتطريد على طيلة سنوات وجودهم في  مناصب الحكم ، فهل فكر اهل السنة ماذا استفادوا من العيساوي او علاوي او صالح المطلك ؟؟ وهل فكر الشيعة ماذا استفادوا من المالكي او من يمثل حكومته ..؟؟ انها ايدي لتفريق الامة عن وحدتها وتشتيت امرها ليتسنى السيطرة على مقدراتها وهي مخططات خارجية تسيّر بايدي السياسيين من اجل مكاسب سياسية انتخابية لا اكثر ولا اقل ..فلو كان هم السياسيين الشعب وحقوقه لقدموا له ابسط الخدمات والاحتياجات الضرورية مثل الكهرباء والماء الحصة التموينية ، ولكن ..ولكن ..ولكن مما يؤسف له هو انجرار الشعب وراء تلك الاصوات الطائفية وانقياده لتنفيذ مخططاتهم التقسيمية للبلد.

 
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad