يحتفل العالم اليوم بذكرى الثالث من أيار/مايو 2013 اليوم العالمي لحرية الصحافة ، وهو يوم مخصص للدفاع عن حرية التعبير وعن سلامة الصحفيين في وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة والإلكترونية.
هذه الذكرى اثارت فيّ الكثير من الشجون والاهات والحسرات .. كم تمنيت ان نعيش هذا اليوم بحق وحقيقة في بلادنا .. كم تمنيت هذا اليوم ان اطلق تهنئة من اعماقي لكل زملائي الصحفيين لاهنئهم بيوم حصولهم على الحرية التامة ، ولكن لم أشأ ان اجعل من نفسي اضحوكة في بلد لم ينل الانسان فيه حريته فكيف بالصحفي !! بلد لم نعرف فيه معنى للحرية سوى ان اتكلم بما شئت دون ان يسمع كلامي ، اتظاهر دون ان تلبى مطالبي ، اعتصم دون ان يأبه بي أحد .. بلد يعيش اسوأ حالات الدكتاتورية الحزبية والصراعات الدنيوية ، فلاحقوق فيه للمواطن ولا وجود فيه لحرية الصحفيين .
وانا أقرأ عبارة رئيسية وردت في (اعلان ويندهوك التاريخي ) الذي اقرته منظمة اليونسكو قبل اكثر من عشرين عاما في ناميبيا ، حيث تقول هذه العبارة : ( لا يمكن تحقيق حرية الصجافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية.) ،عندها تيقنت ان لا قيمة لاحتفالنا في العراق بهذا اليوم الذي صادرته الديمقراطية الجديدة ، حتى اصبح الصحفي في العراق الجديد لايضمن سلامته الا بالكون مع هذه الجهة او تلك ... والا سيكون مشروعا للدم البارد .
التعددية فهمناها بالمقلوب .. التعددية عندنا ان تكون تحت وصايا هذه الجهة ، والاخر يكون تحت وصايا الجهة الاخرى ، ويستلم منها راتبه ومخصصاته ، فيكون صحفيا تابعا لاجندات سياسية فيصبح مستهدفا مع جهته السياسية من قبل الجهة السياسية الاخرى .. ابتعدنا كثيرا عن مفهوم الحرية الصحفية التي ينادي بها الكثيرون ، تلبسنا بطائفتنا ومذهبنا وجهتنا الدينية او السياسية حتى نسينا رسالتنا الى العالم اجمع انها رسالة سلام وحقيقة لا تشوبها شوائب السياسة النتنة التي ازكمت انوفنا طيلة السنوات العشر الماضية . فجل صحفنا وقنواتنا الفضائية والسمعية لم تستطع بعد تجاوز مفهوم التحزب والانتماء الطائفي او الحزبي .حتى اصبح صحفيونا منقسمون ومصنفون ، فبعضهم اصبح اقلاما مأجورة تنال من هذا وتمتدح ذاك من اجل حفنة من الدولارات . وبقي النزر القليل ممن احتفظ بمبادئه وقيمه واخلاقياته لا يقوى على تحريك نبلة قلمه لانتقاد الوضع الحالي خوفا على حياته او حياة المقريبين منه ، لهؤلاء فقط وفقط اقول : كل عام وانتم احرارا ايها الصامتون ..كل عام وانتم باقون على التل تنتظرون الي اي جهة تميل الحرب فتميلون .. كل عام وانتم سعداء باقلامكم وهو تصرخ بكم اخرجونا من غُمدنا نفضح السارق ونكشف الخائن ومن كان سببا في تكميم افواه المساكين.
اما القسم الاخر وهم كالكحل في العين فهم قد سخروا اقلامهم لنيل حريتهم فاصبحوا احرارا بكلماتهم وبمواقفهم فلم يهادنوا ولم يتنازلوا عن حريتهم التي استحصلوها باقلامهم ..فلهم اقول .. ايها الاحرار ..كل عام وانتم باقون فاليوم هو لكم وحدكم فاحتفلوا فيه بحريتكم.