الصفحات

الجمعة، 13 نوفمبر 2020

الاعلامي.. والتفقه اللغوي المطلوب



باسم الجابري ...

لا يختلف اثنان على اهمية اتقان اللغة العربية من قبل الصحفي او الاعلامي بالرغم من ان الكثير يطلق عليها  "اللغة الوسطى" ، وربما هذا يعود الى التصنيف اللغوي من ناحية المخاطب او من ناحية الموضوع، او حتى من ناحية القواعد العامة التي لابد للصحفي ان يتقنها من اجل ايصال الفكرة الى المتلقي ، ومع تطور وسائل الاعلام وخاصة المرئية منها وانتشارها بشكل كبير كان لابد ان يواكب هذا التطور نمو وتطور اخر في القيمة اللغوية للمادة الصحفية المطروحة سواء من خلال البرامج المسموعة او المرئية . ولكن هذا الانتشار والتوسع التكنولوجي الاعلامي قد فرز العديد من الهبوط الاعلامي من ناحية اللغة فضلا عن الموضوع ، ولسنا هنا بصدد مناقشة المواضيع الهابطة التي لا تتوافق والذائقة السمعية للمتلقي ، بل بصدد طرح ما يخص المستوى العلمي والثقافي لممتهن هذه المهنة وهو يطرح بضاعته عبر اثير القنوات المرئية او المسموعة ،فليس بالضرورة ان يكون ممتهن الاعلام هو اكاديمي ومختص بالإعلام والصحافة كي يسمح له بمزاولة المهنة ، بل في كثير من الاحيان نجد ان مزاولة هذه المهنة لفترة معتد بها تعطي للفرد ميزات وخبرة ربما يفتقدها الاكاديمي او المختص دراسيا بمهنة الاعلام ، ولكن عندما تجتمع الاكاديمية والمهنية والخبرة فلابد ان يكون الاعلامي في قمة من النضوج الاعلامي والنضوج اللغوي والفكري المهني الذي يستطيع من خلاله ان يتصدى لطرح الاخبار والتقارير والبرامج التي من شانها ان ترتقي بالذائقة السمعية للمتلقي .

ولعل ما يؤخذ على العديد من الاخوة الاعلاميين وخصوصا في مجتمعنا الحالي هو عدم اكتراثهم بتطوير مستواهم اللغوي فنجد مراسل القناة الفلانية او الاذاعة الفلانية قد جاء للقناة عبر احد المعارف فاصبح مراسلا تلفزيونيا وهو لا يفقه من الجملة لا فعلا ولا فاعلا ولا مبتدءاً ولا خبرا ..فينصب الفاعل ويجر المفعول فيرفع وينصب حسب هواه او بتعبير ادق حسب ثقافته اللغوية  المعدومة نوعا ما ، وبالتالي سينعكس هذا التدني على جمهور القناة او بالأحرى سينعكس اولا على رصانة هذه المهنة بالدرجة الاولى ، فنسمع النقد اللاذع للصحفيين والاعلاميين من هنا وهناك بسبب هذه الحالة التي ربما اصبحت منتشرة في وقتنا هذا بانتشار القنوات الفضائية والاذاعات المحلية والعالمية دون رقيب او حسيب .

اذن ، فالتفقه اللغوي للإعلامي والصحفي امر مهم جدا من اجل عكس القيمة الحقيقية لمهنة الاعلام ووضع الاعلامي بالمكان الصحيح الذي يستحقه بصفته رسول الكلمة والحقيقة وهو الصورة العاكسة للفكر الاعلامي في البلاد . ولايمكن ان نبخس حق العديد من الاعلاميين الذين يحرصون على تطوير مستواهم اللغوي بل ويحرصون على انتقاء العبارات والجمل الرصينة في طرحهم الاعلامي .

 ولكن ، رب سائل يسأل : كيف اتفقه لغويا ؟ او كيف اطور لغتي الاعلامية ؟، الامر في اول وهله لا يخلو من صعوبة ، فالكثير يعتبر اللغة العربية بعبع لا يمكن مواجهته ، او بحر خضم لا يمكن خوض عبابه ، فيتركون حتى التفكير في التجربة ، ولكن التوافق العملي بين المهنية الصحفية والتفقه اللغوي امر لابد منه للصحفي الناجح ، والاطلاع الكثير والمتواصل على المقالات والقصص والاطاريح التي كتبها عباقرة اللغة والادب العربي كفيلة بتطوير مستوى الاعلامي وتحسين لغته العربية وقواعدها الضرورية ، فليس بالضرورة ان يكون الاعلامي سيبويه او فطحل من فطاحل اللغة العربية بل يكفي ان يلتزم بالقواعد العامة للجملة، خصوصا اولئك الذين تضطرهم مهنتهم ان يكونوا مراسلين تلفزيونيين او اذاعيين بحكم اتصالهم المباشر بالجمهور الذي اصبح فطنا لتمييز الصالح من الطالح ، وبالتالي سيكون اعلامنا منتجا لقامات وهامات عالية من الصحفيين على مستوى يمكن الاعلاميين بالظهور بالصورة المطلوبة للصحفي صاحب الرسالة الفكرية الحقيقة .


هناك تعليقان (2):

  1. اللغةمفتاح الحوار فإذا لم تكن اللغة متقنة لاتنجذب لها النفس .وكذلك الأسلوب المهذب بالألفاظ المهذبة .نتمنى لك التوفيق

    ردحذف
    الردود
    1. بالضبط استاذ جابر ، لهذا السبب انا تطرق لموضوع ضرورة اتقان الخطاب الاعلامي وفق لغة سليمة وقواعد عامة تجذب المتلقي لا تنفره ..تحياتي

      حذف