باسم الجابري: أبريل 2015

الخميس، 23 أبريل 2015

من المسؤول ؟؟





لم تتوقع ام "نزار" ان طارق بابها سيصعقها بخبر لم تتوقعه ، ولكن ما  ان شاهدت الدماء تغطي جسد ولدها الوحيد حتى فقدت وعيها ولم تعد تشعر او تعلم بالفاجعة التي اصابت وحيدها "نزار" .
"سامي" احد اصدقاء "نزار" يروي لنا جانب من تلك الحادثة التي وقعت في احد الاحياء الفقيرة في مدينة بغداد قائلا : " خرجنا منذ الصباح لنلعب لعبة "مراد علم دار" حيث كل واحد منا لديه بندقية او مسدس بلاستيكي يستخدمه ، كان "نزار" يمثل دور رئيس العصابة و"وليد" يمثل دور "مراد علم دار" فقبضنا على نزار وسلمناه الى "وليد" الذي وجه مسدسة صوب راسه لنتفاجا جميعا بسقوط "نزار" والدماء تسيل من راسه ".
شاهد عيان من ابناء الحي قال : " ان "وليد" هو ابن رجل يعمل في الشرطة وقد سرق "وليد" مسدس والده الذي كان محشوا بالعتاد الحي دون علمه او علم احد افراد عائلته "
اما " وليد" فلم نستطع سوى ان نسمع منه بضع كلمات وهو يبكي على صديقه "نزار" مرددا " انا  احب نزار ولم اقتله ..انا  احب نزار ولم اقتله" .
لم يسدل الستار على تلك الفاجعة الا برحيل طفل بريء فارق الحياة وام ثكلى ، وطفل اخر زج به في سجن الاصلاح .
هذه الحادثة واحدة من عشرات بل ربما مئات الحوادث التي تحدث باستمرار في بلد فتح اطفاله اعينهم على دوي الرصاص واخبار الحروب وثقافة القتل المنظم التي تسوق لهم عبر ميادين وقنوات مختلفة ربما اخطرها تلك القنوات الاعلامية التي تعمل على فبركة ونشر الاعمال الدرامية التي تنشر الجريمة بطريقة تستجذب الاطفال قبل الكبار وتنتهج نهج الدعاية الاعلامية لعصابات دولية تستهوي التقليد من قبل الصغار .
وربما لا نبتعد عن الصواب ان قلنا ان الظروف البيئية والسياسية التي يعيش فيها اطفال العراق قد قولبت الطفل العراقي بقالب عدواني انفعالي ، فقد عاش اطفال العراق ولا زالوا يعيشون وسط جو ارهابي مشحون بالقتل والتهجير والتطريد والنزوح ، وصراعات سياسية يتناقلها الجميع دون ان يكترثوا الى المستوى الفكري للطفل الذي يجب ابعاده عن تلك الصراعات وخصوصا الطائفية منها التي تعصف بمختلف مكونات الشعب العراقي اليوم .
ان المسؤولية الكبيرة التي لابد ان يتحملها المجتمع اليوم هي ان يضمن حماية الطفل من كل الموجات الفكرية المتطرفة التي تجعل منه طفلا عدوانيا انفعاليا شرسا مقلدا للعنف والارهاب بشكل يفقد معه مستقبله ومستقبل بلده الذي يرجو منه جيلا متعلما بناءً لا هداما ، وهذا يتطلب خلق برامج تعليمية مدروسة وادخال الطفل في تلك البرامج وصقل شخصيته بعيدا عن الصراعات والعنف والقتل والارهاب ، كما لابد من وجود مناهج تعليمية خاصة غير تلك التي يتم تداولها اليوم في مدارسنا من شانها ان تعطي للطفل حافزا قويا وشعورا واقعيا بالتفاؤل والامل والعيش بسلام وامان .

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad