ونحن نقترب من الموعد الذي اعلنته امريكا بخروج جميع قواتها من العراق فلا يزال العراقيون منقسمين في ارائهم حول مصداقية ما اعلنه الرئيس الامريكي ، فهناك من يقول ان امريكا ستخرج وليس هناك من داع لمطالبتها بالخروج ، وراح هؤلاء يثقفون الناس على التركيز على حالات اخرى يعاني منها البلد واهمها الفساد الاداري والمالي الذي نخر جسد الدولة طيلة السنوات الثمان الماضية ، وكذلك هناك من يصرح بين فترة واخرى ان خروج الامريكان في هذا الوقت غير مناسب ويطرح تقريراته التي تبين عدم جاهزية القوات الامنية العراقية للحلول مكان القوات الامريكية في حفظ الامن والامان ، وبالمقابل هناك من هو فاقد للثقة بتصريحات الامريكان مهما كانت ولا يعتقد بسلامة نية التصريحات الامريكية حول الانسحاب الكلي من العراق معتبرا ان تلك التصريحات ليس اكثر من مخدر وقتي للاصوات الرافضة لوجود الامريكان في العراق وانه من المستحيل ان تترك امريكا العراق هكذا مع وجود المطامع الخارجية الاخرى للدول المجاورة التي تمتلك ايادي كبيرة في العملية السياسية العراقية الحالية ، فهي بذلك ان فكرت بالخروج الكلي لابد ان تفكر ايضا ان الشرق الاوسط لم يعد بيدها اطلاقا بل بيد القوة الاكبر في المنطقة وهي ايران التي لها علاقات حميمية مع جل الساسة العراقيين ولها مصالح كبيرة في العراق ايضا . فهؤلاء الذين فقدوا الثقة بالامريكان وتصريحاتهم وسلامة نواياهم فلهم لازالوا يتذكرون تلك الصور المؤلمة التي مارسها الجنود الامريكان في ابي غريب وفي الفلوجة وبغداد وبقية المدن العراقية التي نال الامريكان وطرهم من دماء واعراض ابنائها ، كما لم يخف عن كثير من العراقيين الظروف التي اجبروا فيها الحكومة العراقية على عقد الاتفاقية الامنية التي لم يلتزم الامريكان باي بند من بنودها فكيف سيلتزمون الان ببند الانسحاب الذي هو اقسى بند وضعوه وذلك لتخدير العراقيين كما اسلفنا .
اذن اعطاء الثقة بالتصريحات الامريكية امر صعب قبوله مع تلك الحقائق التي تظهر للعيان عند مراجعة الملف الامريكي في العراقي والاساليب والضغوط التي اعتادت امريكا ان تمارسها على العراقيين من اجل قبولهم بقرارتهم وعدم الاعتراض عليها بل تاييدها ودعمها قدر الامكان . وبقراءة سريعة لمجريات الاحداث ربما نستطيع ان نقرا بوضوح ان الامريكان باقون ولكن بصيغة جديدة ومقبولة نوعا ما عند اصحاب العقول البسيطة الذين يصدقون ويثقون بامريكا واساليبها وتلك الصيغة هي صيغة المدربين او شركات الحماية .. اذن البقاء امر مفروغ منه وفق تلك المعطيات ولكن لابد من ان يتوحد الشعب العراقي ويتوحد هؤلاء المنقسمون على امر واحد وحقيقة ثابتة وهي عدم الثقة بتصريحات الامريكان ورفضهم لبقاء تلك القوات وتحت اي شكل من الاشكال او اي مسمى من المسميات وان امريكا هي اصل كل فساد في البلاد والايام القليلة القادمة ستثبت لمن وثق بقرارات امريكا انه كان يستغفل نفسه بنفسه وان عدم الثقة امر مفروغ منه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق